أول ما يجب أن يقال في هذا الباب أن بين قولنا خرج الخطاب على سبب وخرج عند سبب/ فرق، وهو أن القول خرج على سبب يفيد أنه متعلق بذلك السبب وخارج لأجله وبمثابة قول القائل ضربت العبد على قيامه وكلامه، وأكرمته على موافقته وطاعته، وذلك بمثابة ضربته لأجل قيامه وأكرمته لأجل طاعته.
والقول ضربته عند كلامه وعند قيامه لا يفيد تعلق الضرب بالفعل ووقوعه لأجله، ولكنه يصلح أن يقال: إنه لفظ مشترك يصلح أن يراد به ضربه بسبب القيام ولأجله، ويحتمل أن يكون إخبارًا عند طاعته إياي يريد لأجل طاعته ومعصيته، وقد يقول ضربته عند قيامه ومشيهن ويعني موافقة الضرب المشي في حالة. فهذا قدر ما بينهما من الفرق.
فصل: وقد نعلم أحيانًا ضرورة قصد المتكلم إلى قصر العام على السبب والسؤال الخاص ومتى علم ذلك لم يجز دعوى العموم فيه، لأن العلم بقصده قرينة تمنع من إجراء الخطاب على عمومه. وذلك نحو علمنا بأن من قيل له كل هذا الطعام وكلم هذا الإنسان، فقال: والله لا أكلت ولا تكلمت، وهو يصد إلى أنه لا يكلم من قيل له كلمه، ولا يأكل ما قيل له كله، وأمثال هذا كثير.