أما الآمدي في الإحكام بعد أن ذكر أدلة الأقوال الواردة في المسألة وناقشها قال:"وإذا عرف ضعف المأخذ من الجانبين، فالحق عندي في ذلك إنما هو إمكان كل واحد من المذهبين، وأما ترجيح الواقع منهما، فعسى أن يكون عند غيري تحقيقه" وهذا يدل على أنه متوقف في المسألة لعدم وجود دليل قطعي يدل على أحد القولين، وخاصة وأن الآمدي يرى أن القواعد الأصولية قواعد قطعية لا تثبت بأدلة ظنية.
[حجة القول الوسط]
استدل من توسيط بين المذهبين سواء صرح بالنقل مع وجود علاقة، أو أثبت تصرف المشرع، ولكن لم يسمه نقلًا. وبعض أصحاب هذا القول مثل فخر الدين الرازي اقتصر على تسميتها مجازات لغوية، وبعضهم قال: إن هذه المجازات اللغوية اشتهرت حتى أصبحت المعاني المجازية هي المتبادرة إلى الذهن. وبذلك أصبحت حائق شرعية.
ويمثل هذا الرأي الوسط جماهير الأصوليين منهم الشافعي وإمام الحرمين والغزالي وابن برهان وغيرهم. وقد أنكر هؤلاء على أصحاب القول بالنقل للألفاظ اللغوية من اللغة إلى الشرع، نقلًا بدون علاقة، وهم المعتزلة، كما تقدم في إجابتهم عن أدلة المعتزلة. وأنكر على من أنكر تصرف المشرع في بعض الألفاظ بنوع من التصرف، سواء سموه نقلًا لوجود علاقة، أو لم يسموه نقلًا.
وقال هؤلاء: إن الموضوعات الشرعية مسميات لم تكن معهودة من قبل، فلابد لها من أسماء تعرف بها تلك المسميات. وهذا التصرف الذي حدث من المشرع فيها لا يخرج عن حالتين: