أحدها: أن الحقيقة من الكلام جار في جميع ما وضع لإفادته نحو القول ضارب وعالم وقادر الجاري على كل من له ضرب وعلم وقدرة, وكذلك القول إنسان وفرس المفيد الصورة تابع أبدًا لها إينما وجدت من غير تخصيص, وإلا بطلت دلالة الكلام وانتقضت المواضعة.
والمجاز مقصور على موضعه لا يقاس عليه, كالذي قلناه من قبل, لا يقال: سل البساط ويعني صاحبه قياسًا على قولهم: سل الربع وقوله سل القرية والعير.
والثاني: أن يكون ما جرى عليه الاسم حقيقة يستحق منه الاشتقاق, فإذا امتنع الاشتقاق منه علم أنه مجاز نحو تسمية الفعل والشأن أمرًا على وجه المجاز والأمر على الحقيقة بالشيء هو نقيض النهي عنه, وهو اقتضاء الفعل, ويشتق منه اسم أمر, ولا يشتق من القيام وقعود أمر, ولا من شيء من الأفعال, فوجب أن تكون تسمية الحال والشأن أمرًا جارية عليه مجازًا واتساعًا. ومنه قوله تعالى:{ومَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}. وقوله تعالى:{حَتَّى إذَا جَاءَ أَمْرُنَا وفَارَ التَّنُّورُ} وقولهم:"ما أمر فلان وما حاله"