للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واجب, لأن وجود المحل ووجود الحياة شرطان لوجود العلم والقدرة, ولا يجب بحصول المحل حصول العلم دون مضامة الحياة له, وعلى هذا تقررت أحكام الشروط, في العبادات, لأن القائل إذا قال هي طالق إذا جاء المطر وقام زيد وركب عمرو لم تطلق إلا باستكمال الشروط, ولا يجب وقوع الطلاق لحصول البعض منها في حكم اللسان, ولو لزمه ذلك بحصول بعضها لكان إنما يتوجه عليه بحكم شرعي ودليل ويوجب ذلك غير موجب اللسان.

فصل: من القول في أحكام الشرط والمشروط.

قد اتفق على أن من حق المشروط وقوعه وحصوله بشرط أن يكون متوقعًا مستقبلًا غير حاصل, وعلى أنه لا يصح أن يكون موجودًا في الحال ولا ماضيًا منقضيًا, بل لا يكون إلا مترقبًا منتظرًا, ولهذا لم يجز أن يقول القائل: لا أضرب زيدًا أمس أو بالأمس حتى يقوم عمرو أو يقدم بكر, لأنه يجعل المشروط ماضيًا بشرط يكون مستقبلًا, وذلك فاسد, لأن ضربه زيدًا بالأمس قد وجد وحصل منه وعدم بعد وجوده, فكيف يقف وجوده على شيء يكون بعده, ومن سبيل ما يقف وجوده على شيء يكون بعده سبيل ما يقف على حصول غيره أن لا يحصل حتى يحصل ذلك الغير, وقد علم أن ضربه لزيد أمس قد وجد وحصل قبل ما جعل شرطًا لوقوعه, هذا نهاية الحال.

وكذلك لو قال قائل: لا أكون قائمًا ولا ضاربًا في هذه الحال, وهو قائم وضارب فيها حتى يقوم زيد لكان بذلك محيلًا لجعله شرطًا مستقبلًا لوجود ما قد حصل واستقر وجوده, وذلك باطل فصح فساد جعل الماضي وفعل الحال مشروطًا بمنتظر متوقع.

ولو قال قائل لقوم: عد إذا قام زيد أو إذا انطلق لكان ذلك صحيحًا, لأنه شرط مستقبل بما يكون مستقبلًا.

فصل: وقد زعم كثير من الناس أنه كما لا يكون المشروط وقوعه إلا مستقبلًا, فكذلك لا يكون الشرط المتوقع المستقبل إلا متوقعًا مستقبلًا لا بل لا يجوز أن يقول آكل غدًا إذا كنت اليوم موجودًا, لو كان زيد اليوم راكبًا,

<<  <  ج: ص:  >  >>