فصل: القول في أنه لا يجوز تخصيص العام بعادة المخاطبين وإنما لم يجب ذلك لأن الشرع لم يوضع فيما ورد به من تحليل وتحريم، وغير ذلك على عادة المكلفين، وإنما وضعه سبحانه على ما بينا من تديين عباده وإن كان مبنيًا على استصلاح المكلفين. وقد تكون المصلحة باتفاق في الإقرار لهم على العقود والأفعال المعتادة بينهم. وقد يكون في ترك ذلك والتعبد بضده. وبهذا قرر عليهم عبادات ليست في عادتهم، وحظر عليهم أفعالًا ومأكلًا وعقودًا كانت معتادة عندهم. فهذا ما لا شبهة لهم فيه وفي إبطاله لمن أوجب تخصص العام بعادة المخاطبين، ولا فرق بين أن تكون العادة المتقررة بينهم عادة شرعية أو مألوفة منهم بغير شرع. فإذا جاء الخطاب العام يمنع ذلك وجب منع جميعه.
وهذا نحو أن يقول: قد حرمت عليكم الطعام والشراب في يومكم هذا، أو يقول قد حرمت عليكم البيع، وهم معتادون لأكل طعام مخصوص وشرب شراب مخصوص وبيع أجناس مخصوصة. وعلى صفات مخصوصة. فليس لأحد أن يقول هذا الإطلاق محمول على ما عادتهم أكله وشربه وتبايعه لأجل أن الاسم عام مطلق. ويمكن أن يكون من مصلحتهم تحريم أكل شيء وشربه