قيل له: إذا علم أنهما متباينان غير ممتنعين ولا أحدهما. وأن وقت تكليفهما واحد. وعلم مع ذلك تساوي حالهما في الحكم بأن يكونا تدبين أو واجبين على بيناه من قبل وعلم أنه لم يؤمر بالجمع بينهما.
فإن قيل ⦗٢٠٦⦘ وما القول الذي به يعلم التخيير بين الأفعال؟
قيل له: قد يعلم ذلك بأن يقول عليه السلام: إن فعلت هذا أجزأك (وإن فعلت هذا أجزأك) وهذا ينوب مناب هذا, ويقوم مقامه. وهذا فرضك إن فعلته وهذا- أيضا- فرضك إن فعلته بدلا منه. وإن فعلت هذا فلا ضيق ولا حرج. وإن فعلت هذا فكذاك, وأمثال هذا من ألفاظ التخيير.
وقد يقع من فعله عليه السلام ما يجرى مجرى البيان بقوله نحو القراءة بحرف. والقراؤة تارة بغيره. والمسح تارة ببعض الرأس وبكله أخرى عند مجيز ذلك. والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم مرة وتركه أخرى. وجمع الناس للتراويح تارة وتركه أخرى. وليس القصد من هذا تصحيح مسألة بعينها في باب التخيير, ولكن بيان ما علم أنه يفعل تارة ويفعل غيره أخرى, ويتركه ويفعله على وجه الإتباع لحكم الشرع. فإن هذا ربما كان أوضح في الكشف عن التخيير من القول وربما حل محله.
وقد يعلم التخيير بين الفعلين بأن يرد التعبد بفعلهما في وقت واحد مع العلم بتضادهما في العقل أو الحكم. فإذا قيل للمكلف قم واقعد, وانطق واسكت عقيب أمرك في وقت واحد وعلم تضاد ذلك علم أنه على التخيير لا على الجمع,