ويشهد لذلك الشرع- أيضاً- لأن حالفاً لو قال: والله لا كلمت زيداً للزمه الحنث والكفارة متى كلم ولو قال: والله لا كلمته إن أكل طعاماً أو دخل الدار لم يلزمه من ذلك تكرار الحنث والكفارة كلما دخل وأكل. فوجب أن يكون معقول الفعل المشروط أكد في أنه لا يجب تكراره، فسقط ما قالوه.
فصل: في ذكر معنى الصفة والشرط المعلق بهما الأمر والنهي فإن قيل: فما الصفة والشرط المعلق بهما الأمر والنهي؟
قيل: هما كل أمر علق وجوب إيقاع الفعل المأمور به أو الكف عن المنهي عنه والاجتناب له به، ولم يصح إيقاعه واجتنابه إلا بحصوله وسواء كان شرطاً بالمكان أو الزمان الذين ليسا من مقدورات العباد والصفات التي ليست بأفعالٍ لهم أيضاً، نحو الصحة والقدرة وكمال العقل، ونحو ذلك. أو كان الشرط من اكتساب العبد، نحو أن يقال له: صل إن كنت متطهراً. وصم إن كنت ناوياً، وكفر إن كنت حانثاً وحالفاً، بأن لا يفعل ما فعله في أمثال هذا مما يكون الشرط لوجوبه وللأمر بفعله أو النهي عنه شيئاً من كسب المكلف. وقد جعل الوقوف بعرفة شرطاً لصحة الحج، والمسجد شرطاً لصحة الاعتكاف عند القائل بذلك/ ص ١٨٨، وزوال الشمس وطلوع الفجر شرطين لما يجب عندهما من العبادات، وكذلك القدرة والصحة، وكمال العقل، وكل ذلك ليس من كسب العبد، فيجب أن يكون الشرط هو ما وصفناه من هذه الأنواع والأقسام.
فصل: ومن حق الشرط أن يكون مستقبلاً غير ماضٍ ولا واقع في حال