للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ولن يصل المكلف إلى العلم بأن الله سبحانه متكلم الذات وآمر وناه للعباد مع اعتقاده أن كلامه ليس بموجود بداية وأنه مخلوق في غيره، ومثل كلام البشر ومن جنسه على ما يقوله المعتزلة القدرية، ولن يصل المكلف إلى العلم بصدق خبر الله عز وجل بما اخبر به في وعده ووعيده إلا بان يعتقد كون الصدق من صفات ذاته واستحالة الكذب عليه في خبره. فأما إن اعتقد ما يقوله القدرية من أنه سبحانه قادر على أن يكذب في خبره ولا يستحيل الكذب في صفته، وأن الظلم والجور لا يمتنع وقوعه منه، وكونه مقدورا له فإنه/ ص ١٢٢ لا يمكنه مع ذلك العلم بصدقه فلا يؤمن كذبه. تعالى عن قولهم علوا كبيراً. في جميع أخباره وجوره على جميع عباده.

وقولهم بعد ذلك إنما يؤمن ذلك منه لعلمه بقبح الكذب والظلم وغنائه عنه قول يوجب عليهم أن لا يقع منه العدل والصدق مع علمه بحسنهما لغنائه عنهما، لأنه لا يفعل الحسن العالم بحسنه إلا لحاجة منه إليه، كما لا يفعل الكذب والظلم مع العلم بقبحهما إلا المحتاج إليهما وقد بينا الكلام في هذا الفصل ووجوب ذلك عليهم وإبطال كل ما يحاولون به الخروج عنه في الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>