القول في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اذا أوجب عليه
أن يوجب على غيره شيئًا أو يأخذ منه شيئًا (دل ذلك على
وجوب الفعل) على المأمور وتسليم المطلوب.
اعلموا - وفقكم الله - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا امر بأن يوجب على غيره فعلًا دل ذلك على أن الله تعالى قد أوجب على من أمره امتثال أمره من جهة المعنى لأجل ما ألزمناه من طاعته فيما أوجبه، ومحال أن يوجب عليه أن يوجب على غيره الفعل، ويجعل له الامتناع منه، فلذلك إذا أوجب عليه أخذ الزكاةً من الأغنياء ووضعها في الفقراء/ ص ٢٦٣ دل ذلك على وجوب تسليم ما أوجب عليه أخذه، ولو لم يكن ذلك كذلك لكان يصح أن يكون النبي -عليه السلام- مأمورًا بالأخذ، ويكون لمن أمره بالتسليم المنع له، أو أن يكون مأمورًا بالامتناع من الدفع، والنبي -عليه السلام- مأمور بالأخذ.
وهذا بعيد في التكليف، وليس وجه بعده أنه محيل لمعنى أحد الأمرين أو أمر المكلف بجمع الضدين، ولكن الشرع قد قرر منع ذلك، ووجوب تسليم ما يؤمر