للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحذيرهم لقومهم, وغير ذلك من الممالك والدول والوقائع والسير, والعلم الحاصل بالصين وخراسان وغيرهما ما قرب وبعد من الأقاليم والأمصار.

فصل

وجميع هذه العلوم المبتدأة في النفس بالمعلومات من غير إدراك لها على ضربين:

فضرب منها يحصل مبتدأ في النفس, لا عند سبب يشاهد أو يسمع, نحو علم العالم بوجود نفسه, وما يجده فيها من تعاقب الصفات التي ذكرها من الصحة والسقم والغم والفرح والقوة والضعف, إلى غير ذلك. ونحو العلم بموجب العادات من وجوب ما يجب فيها وامتناع ما يمتنع، ونحو العلم بأن الحي لا يكون ميتا والموجود لا يكون معدوما، وأن العشرة أكثر من الخمسة إلى أمثال ذلك مما يطول تتبعه.

فصل

والضرب الآخر لا يبتدئ في النفس بجري العادة إلا عند سبب يشاهد أو يسمع نحو, العلم بالبر والعقوق, والخجل والوجل, والشجاعة والجبن، وما يقصد القاصد بخطابه? والعلم بمخبر الأخبار المتواترة لأن الله تعالى قد أجرى العادة بأن لا يفعل العلم بشيء من ذلك دون سماع الخبر, ومشاهدة الأحوال والأمارات من الرموز والإشارات، والكر والفر, والصفرة والحمرة, واضطراب الشكل والجوارح واللفظ, وغير ذلك مما يعلمه العالم من حال غيره عند مشاهدة أحوال ظاهرة عليه, وهذه الأحوال والأسباب لا حد لها ولا صفة مخصوصة تخصص وتنعت بلفظ أو خط, وإنما يحدث العلم بمشاهدتها عند المشاهدة, وقد تختلف وتزيد وتنقص, وإنما يختص بالعلم بمخبر هذه الأخبار والأحوال التي ذكرناها العاقل السليم من الآفات دون البهائم والأطفال والمنتقصين. وقد يعلم كثيرا من مقاصد المشير والمخاطب من له

<<  <  ج: ص:  >  >>