وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي - رحمه الله - في شرح اللمع أن هذه أول مسألة نشأت في الاعتزال، وذلك أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لما قتل ظهرت البدع، وكثرت الشرور. فقال أهل الشام: نحن نطالب بدم عثمان، وقوم من أصحاب علي تبرؤا منه. وجرت بينهم من الحروب مالا يخفي. فجاءت المعتزلة بعدهم بقليل فقالوا: ننزلهم منزلة بين المنزلتين، فلا نسميهم كفارًا ولا مؤمنين، ونقول: هم فسقه، حتى أطلقوا هذا القول على عظماء الصحابة كطلحة والزبير، حتى قال كبراؤهم، مثل واصل بن عطاء:"لو شهد عندي علي وطلحة على باقة بقل لم أقبل حتى يكون معهما ثالث، لأن أحدهما فاسق". فقيل لهم:"إن الإيمان في اللغة، وقد نقل في الشرع إلى غيره، فجعل اسما لمن لم يرتكب شيئًا من المعاصي، فمن ارتكب شيئًا منها خرج من الإيمان ولم يبلغ الكفر".
[تحرير محل النزاع في المسألة]
١) محل النزاع هو الأسماء الشرعية فقط دون الحرف والفعل.
قال الرازي في المحصول: الأقرب أنه لا يوجد الفعل الشرعي والحرف الشرعي، والدليل على ذلك الاستقراء، وكذلك فإن الفعل يكون شرعيًا بتعًا للمصدر، وليس لذاته.
٢) النزاع في الألفاظ التي وضعها المشرع لتدل على معاني جديدة بلا قرينة، فهي حقائق شريعة، مثل الصلاة والزكاة والصيام.