للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل آخر من فصوله يجب علمه

واعلموا - رحمكم الله - أن تدر ما يزيد على ما يتوصل به إلى فعل الواجب، ولا يتميز منه، ولا يمكن معرفته بعينه، فإنه ليس بواجب. وإن كان مما يقع من المكلف مع فعل الواجب، وفعل ما لا ينقك الواجب منه، ومتى لم يتميز ذلك بطريق يفصله عن غيره، استحال لذلك أن يكلف المأمور فعل ذلك القدر الذي يتوصل به إلى فعل الواجب على التمييز والتفصل. لأنه لا يعرفه بعينه. ولا يمكن تمييزه له. ولهذا ما لم يؤمر الإنسان بمقادير الأفعال الواقعة في الركوع والسجود والأكوان التي تلقي بها جبهته وأعضائه الأرض التي إذا فعلها بعينها. وفعل ما يوصل إليها كان مؤديا لفرضه، لأن ذلك غير معلوم ولا متميز له.

وإنما يؤمر بفعل ما يتوصل به إلى فعل واجب أخر على التفصل والتحديد إذا كان ما يتوصل به إلى فعل ذلك الواجب معلومًا ومتميزًا له. ولذلك أيضًا ما لم يؤمر المكلف بإمساك جزء من الليل متميز معلوم لكي يصل به إلى إتمام صيام النهار، لأن ذلك القدر من الليل غير معلوم ولا متميز له. والواجب أن يقال في مثل هذا أن المكلف يؤمر بفعل الواجب وبفعل ما يتوصل به إلى فعل ذلك الواجب قي الجملة من غير تفصيل. ولو كان له إلى علمه وتفصيله طريق لكان الأمر مقصورًا عليه من الزائد على قدره/ ص (١٧٣) غير أن تفصيل ذلك وتحديده متعذر غير ممكن فوجب تكليفه على الجملةً. فيجب ترتيب القول في هذا الباب على ما نزلناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>