أما الباقلاني فجمد بقوله إن الألفاظ مبقاة على وضعها اللغوي، وإن كان عند استدلاله أثبت تصرفًا للمشرع في نطاق ضيق على فلتات لسانه، فجعل ما دلت عليه الألفاظ الشرعية من معنى زائد عن المعنى اللغوي إنما هو شروط فقط، ولكن لم تتغير ماهية اللفظ. والذي حدا بالباقلاني - رحمه الله - إلى الوقوف في هذا الموقف الجامد - الذي عابه عليه أشد الناس تأثرًا بآرائه الأصولية كإمام الحرمين والغزالي - مسألة جد خطيرة، وهي استغلال المعتزلة هذه المسألة في الطعن على الصحابة بعدم إثبات الإيمان الشرعي لهم. كما سنذكر ذلك في ثمرة النزاع في هذه المسألة. بل ذهب الخوارج إلى أبعد من ذلك، فوصفوا بعض الصحابة بالكفر.
وبناء على ما تقدم يكون القول الوسط هو الراجح. وهو قول من أثبت تصرف المشرع، فنقل الأسماء عن معناها اللغوي على سبيل التجوز لوجود علاقة بين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي. فأصبحت الأسماء الشرعية مجازات لغوية. ثم لما اشتهرت بحيث إذا أطلقت لم يفهم منها إلا المعنى الشرعي أصبحت حقائق شرعية، لأن أمارة الحقيقة التبادر إلى الذهن.
[ثمرة النزاع في هذه المسألة]
يوجد للنزاع في هذه المسألة ثمرات عدة، بعضها يعود للاعقاد، وبعضها الآخر للفروع الفقهية، وبعضها الآخر للغة.
أما في جانب الاعتقاد فاختلف العلماء في حقيقة الإيمان بناء على اختلافهم في جواز نقل الشرع بعض الأسماء من اللغة إلى الشرع. واختلفوا أيضًا في وجود منزلة بين الإيمان والكفر أو لا يوجد.
ومن أهم العوامل التي سببت النقاش حول وجود منزلة بين المنزلتين، وحكم مرتكب الكبيرة هو ما وقع من حروب على أثر مقتل عثمان بن عفان -