رضي الله عنه - كوقعة الجمل وصفين، مما جعل الناس يتساءلون عن الحق وعن المخطئ. وهل المخطئ كافر أو مؤمن؟ فكانت الخوارج تقول بكفر مرتكب الذنوب، والمرجئة تقول: إنهم مؤمنون كاملوا الإيمان، وأهل السنة عمومًا ذهبوا إلى أنهم مؤمنون ناقصوا الإيمان بقدر ما ارتكبوا من الكبائر. وذهب واصل بن عطاء - مؤسس مذهب الاعتزال - إلى أنهم فاسقون في منزلة بني منزلتي الكفر والإيمان. وهذه أول مسألة من مسائل المعتزلة. وقد أجمعوا عليها على تعدد فرقهم واختلاف مشاربهم.
ونقل أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع حقيقة قولهم فقال إنهم قالوا:"ننزل الصحابة منزلة بين المنزلتين، فالا نسميهم لا كفارًا ولا مؤمنين، ونقول إنهم فسقة"، ونقل عن واصل بن عطاء أنه قال:"لو شهد عندي علي وطلحة على باقة من البقل لم أقبل حتى يكون معهما ثالث، لأن أحدهما فاسق" ثم قال الشيرازي: "قيل لهم: إن الإيمان في اللغة التصديق، الصحابة مصدقون موحدون. وقد وعد الله المؤمنين الجنة في قوله تعالى:{وعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} فقالوا: صدر منهم الإيمان اللغوي الذي هو التصديق، ولكن الشرع نقل هذا اللفظ إلى فعل الطاعات. فالصحابة صدقوا ولم يطيعوا، بل ارتكبوا شيئًا من المعاصي فخرجوا من الإيمان، ولم يبلغوا الكفر، فهم فاسقون في منزلة بين المنزلتين.
وبهذا يتضح أن المعتزلة بنوا طعنهم في الصحابة، ووصفهم إياهم بعدم الإيمان على نقل كلمة الإيمان من معناها اللغوي الذي هو التصديق إلى المعنى الشرعي. ولذا فالإيمان عند المعتزلة والخوارج هو مجموع ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.