فإن قال قائل: فما الفصل بين الواجب على الترتيب من الكفارات وغيرها وبين الواجب على التخيير.
قيل له: الفصل بينهما أن المخير بين أفعال له العدول عن كل واحد منها إلى الآخر بغير عذر هو عدم أحدهما أو تعذر الوصول إليه أو لحوق الكلفة والمشقة في فعله.
والواجب على الترتيب لا يجوز في حكم الشرع والعدول عن بعضه إلى بعض الذي هو الثاني المرتب على الأول مع وجود الأول, وإمكان التوصل إليه, وعدم الأعذار, وهذا نحو قوله تعالى:{فتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} وما يجري مجرى ذلك مما يجب بعضه عند عدم البعض, أو تعذره بالأعذار الجارية مجرى العدم.
فصل: فإن قال قائل: فما قولكم في المكلف إذا جمع بين الكفارات المرتبة في الفعل, نحو الجمع بين المسح والغسل عند من رأى التخيير في ذلك. وبين العتق والإطعام والصيام, أتقولون إن ذلك مما الجمع بينه مأمور به أمر ندب, أوليس بمأمور به.
يقال له: هذا على ضربين:
فضرب منه مرتب قد حظر الشرع الجمع بينه, نحو الجمع بين نكاح الحرة والأمة مع وجود الطول.