للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب

ذكر الواجب من الأوامر وذكر من يجب طاعته دون من

لا يجب له ذلك

اعلموا - وفقكم الله - أننا قد بينا فيما سلف أن معنى الوجوب معقول في اللغة, وأنه الأمر الذي لا محيص عنه, ولا انفكاك منه, من قولهم وجب الحائط إذا سقط ووجب البغل إذا توفي, وقوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} وأوضحنا ذلك بما يغني عن إعادته, وهذا المعنى وإن كان معقولًا في اللغة, فقد ثبت أنه لا أحد من الخلق من أهل اللغة وغيرهم تجب طاعته ويلزم امتثال أمره من حيث هو أمر به, وإن اعتقد الآمر منهم أن طاعته واجبة, لأن ذلك لا يجب لاعتقاده وجوبه, ولا لكونه أمرًا به ولا لصفة ووجه يحصل ما أمر به عليه في العقل يقتضي وجوبه أو حسنه فضلًا عن وجوبه, ولأنه قد ثبت أنه ليس لأحد من الخلق على أحد سبيل في إيجاب طاعته واستعباده له وتأمره عليه إلا من حيث كان ذلك للمأمور منهم على الآمر لتساويهم في الخلق

<<  <  ج: ص:  >  >>