رقبة، ويكون تكلف جمعه وإخراجه إلى أهله أشق وألم. فعلم أنه لا معتبر بما ادعوه.
فصل: فإن قال قائل: فما تقولون إذا لم يفعل شيئا من الكفارات، بم يعاقب على تركها جميعها أم على ترك التكفير بواحد منها؟
قيل له: لا بل على ترك الواحد منها فقط. وهذا أحد الأدلة على أن الواجب منها واحد بغير عينه، لأنها لو كانت كلها واجبة لوجب أن تكون واجبة كلها إذا فعلت وجمع بينها. وهذا خلاف الإجماع، وأن يستحق العقاب بترك جميعها إذا جمع بين تروكها. وهذا - أيضا- خلاف إجماع الأمة. فثبت أن الواجب منها إذا جمع بينها واحد غير معين.
فإن قيل: فعلى أيها يستحق العقاب إذا ترك جميعها؟
قلنا: يجب استحقاقه على أدناها وأخفها وأقلها ثوابا إذا فعل. والدليل على ذلك أنه /ص ١٩٩ لو فل لبرئت به الذمة، وأدى به الواجب، وسلم فاعلها من المعصية واستحقاق العقاب، فثبت بذلك ما قلناه. وأن الواجب منها واحد بغير عينه. وأن المستحق من العقاب إنما هو على ترك أدناها إذا جمع بين تروكها.
فصل: واعلموا - رحمكم الله- أن من حق الواجب المخير فيه أن يكون كله مستويا في الحكم. إما أن يكون مباحا كله أو ندبا كله أو واجبا كله. ومحال التخيير بين المباح والندب والواجب والنفل، وهذا متفق على فساده. وكذلك يجب أن يكون وقتهما واحدا. لأن ما تغاير وقته فلا تخيير فيه. وأن يكون متميزا للمكلف على ما قلناه من قبل وهذا ذكر الحجة على أن الواجب من ذلك واحد بغير عينه.
فأحد ما يدل على ذلك ما ذكرناه من الإجماع على أنه إذا جمع بينها لم يكن