فإن قال قائل: إنما يصح لكم قسمة الأمر إلى واجب وندب, ووجوب الوقف في المراد متى عري من قرينة الإيجاب والندب إذا ثبت لكم أن الندب مأمور به.
وفي الناس من ينكر ذلك فدلوا على هذا الأصل.
يقال له: الذي يدل على ذلك أمور:
أحدها: إن الأمة متفقة على أن كل ندب من الأفعال من صلاة وصيام وغيرهما فإنه طاعة لله تعالى, وأنه مفارق بكونه طاعة للمباح والمحظور من الأفعال, فلابد أن يكون إنما صار طاعة لتعلق الأمر به, لأنه محال أن يكون إنما كان طاعة لجنسه ونفسه أو صفة من صفات نفسه لصحة وجوده ووجود مثله وما هو من جنسه غير طاعة, ومحال - أيضًا - أن يكون إنما صار طاعة لحدوثه ووجوده, ولا يجوز أن يكون طاعة لكونه مرادًا للمطاع لأنه قد يريد على المباح, وما وقع - أيضًا - من المحظورات, وإن لم يكن طاعة لما قام من الدليل على وجوب كونه تعالى مريدًا لجميع الحوادث من أفعاله وأفعال غيره/ ص ١٣٥ المكلف منهم وغير المكلف, ولا يجوز - أيضًا - أن يكون طاعة لحصول العلم به