قد بينا فيما سلف أن فحوى الخطاب ومفهومه بمنزلة النص، بل هو أبلغ من النص لانتفاء وجوه الاحتمال عنه. وإذا ثبت ذلك ثبت تخصص العام به، وذلك يجوز أن نقول: افعل بوالديك ما شئت، وكل فعل شئت، ولا تقل لهما أفٍ، ولا تقذي بعينهما، لأن قوله ما شئت إطلاق لجميع الأفعال بهما. وقوله {فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} بمنزلة قوله ولا جميع الأذى لهما فلا تفعله بهما ولا شيء منه. وكذلك لو قال: كل من مال زيدٍ وخذ منه ما شئت ولا تخنه بذرة لوجب أن يكون ذلك بمثابة قوله إلا الخيانة له، فلا تخنه بشيء منها قل أو كثر، في أمثال هذا. وهذا مفهوم الخطاب، وليس من باب القياس جليه ولا خفيه في شيء.
فصل: واعلموا أن الاسم إذا كان يشتمل على ما يصح أن يراد باللفظ