إذا قارن المأمور به. هذا إذا كان الآمر واحدًا? فإن كانا أمرين فالمتقدم منهما حث وترغيب ودلالةً على الفعل، والمقارن للفعل خارج عن ذلك. وقد يخرج الشيء عن كونه دليلًا لتغير حال المدلول كما والخبر، غير أن الشيء يكون قبل كونه دلالةً على ذلك، ويخرج عن كونه دلالة على أنه سيكون إذا كان ووقع? فثبت أن من الأوامر ما ليس بدليل على المأمور به ولا ترغيبٍ فيه وحثٍ عليه، فبطل ما قالوه.
فإن قالوا: وما فائدة تعلق الأمر به في حال وقوعه؟
قيل لهم: فائدته إنها حال يكون فيها مفعولًا ومقدورًا ويصح فعله ويصح تركه على البدل من وقوعه، وليصير لمصادفته لها حسنًا طاعةً في حال وقوعه وفوته، لأنه لو وقع في حالة غير مصادف للأمر لصار بمثابة وقوعه مع النسخ للأمر به في خروجه عن كونه حسنًا طاعةً، ولأنه إذا كان الأمر هو المؤثر في كونه قربة حسنًا وجبت مصادفته له كما / ص (٢٨١) يجب ذلك في الإرادة المؤثرة في كونه كذلك، لأن ما وجد قبل الشيء لا يؤثر في حكم له في حال وجوده، فثبت ما قلناه.
فصل: وقد قال بعض أهل الحق: إن الأمر على الحقيقة. هو ما يقارن الفعل في حال وقوعه، وأن المتقدم منه إنذار وإعلام? والإنذار بإيجابه - زعموا - ليس بإيجاب له. وهذا عندنا غير صحيح، لأنه إنذار وإيجاب بشرط دخل وقته وبقائه على شرائط التكليف، وبقاء الأمر على ما بيناه من قبل، فبطل هذا الأمر.