للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب

القول في أن الأمر بالفعل أمر بما لا يتم إلا به

إذا كان ذلك من فعل المكلف دون غيره

اعلموا - رحمكم الله - أن الشيء الذي لا يتم فعل المأمور إلا بحصوله على قسمين:

أحدهما: من فعل المكلف المأمور، والآخر من فعل الله تعالى وليس من مقدورات العباد.

فأما ما هو من فعل الله تعالى وكمال العقل والآلة في الفعل - نعني بالآلة محل الفعل والقدرة عليه، ونصب الدليل الذي يتوصل بالنظر فيه، ويتمكن بتأمله من فعل العلم بما كلفنا العلم به - وهذه الأمور على ضربين:

فضرب منها لا يتم وقوع الفعل ولا وقوع تركه إلا بحصوله. وذلك نحو محل الفعل، ونحو تحرك اليد والرجل وغيرهما من الجوارح التي هي محل البطش والمشي، وكالعقل الذي لا يتم إيقاع الفعل أو اجتنابه على الوجه المأمور به إلا بحصوله، ونحو الدليل المنصوب المؤدي النظر فيه إلى العلم بما كلف المأمور، فهذا الضرب من شروط صحة الفعل لا يصح التكليف للفعل مع عدمه، لأنه لا يصح من المكلف مع عدمه إيقاع الفعل، ولا إيقاع تركه. ولا كونه معرضًا لنيل ثواب أو استحقاق عقاب. والمكلف عند أكثر أهل الحق إنما كلف لكي يفعل أو يترك أو يعرض بالتكليف لثواب أو عقاب. وذلك لا يصح ممن لا عقل له ولا تمييز معه. لأنه يتعذر النظر عليه، وفعل العلوم المكتسبة مع فقد العقل وفعل العلم تعين

<<  <  ج: ص:  >  >>