[القول في الوجوه التي من قبلها يخطئ الناظر في نظره]
اعلموا أن الخطأ يدخل عليه من وجهين:
أحدهما: أن ينظر في شبهة ليست بدليل فلا يصل إلى العلم.
والآخر: أن ينظر نظرا فاسدا وفساد النظر يكون بوجوه:
منها: أن لا يستوفيه و (لا) يستكمله، وإن كان نظرا في دليل.
ومنها: أن يعدل عن الترتيب الصحيح في نظره فيقدم ما من حقه أن يؤخره، ويؤخر منه ما من حقه أن يقدمه.
ومنها: أن يجهل بعض صفات الدليل التي لا يتم كونه دليلا على الحكم إلا بحصوله عليها وحصول علم المستدل بها.
ومنها: أن يضم إلى صفة الدليل وصفا يفسده, نحو أن يقول إنما يدل خبر النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم الخمر, لأنه خبر عن تحريم الخمر, لأن ذلك يوجب أن لا يدل خبره على تحرين الميتة والدم على تحريمها, لأنه ليس بخبر عن تحريم خمر, ولو لم يدل خبره عن تحريمها على أنهما حرامان لم يدل- أيضا- خبره عن تحريم الخمر على كونه حراما, ولبطلت دلالة جميع أخباره عن سائر الأحكام، فهذه الزيادة وأمثالها في أدلة العقل ⦗٢٢⦘ والسمع مفسدة للاستدلال. وجهل الناظر ببعض صفات الدليل التي يحتاج إلى علمها نقصان منه ومفسد للنظر فيه, وصورة ذلك أن يسمع المكلف خبر النبي صلى الله عليه وسلم عن تحريم الخمر, ولا يعلم مع ذلك أنه خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا