والصلاة واجبة عليه. وأما إن لم تجب عليه الصلاة لم يجب ذلك، فبطل ما قالوه.
على أنه يقال لهم: فقد وجد في الشرع عبادة مشروطة بشرط لا يجب تكررها بتكرر شرطها وهي الحج، لأنه تعالى قال:{ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} وذلك بمثابة قوله متى استطاع إليه سبيلاً. وإذا استطاع إليه، ثم لم يجب تكرر وجوب الحج عند تكرر الاستطاعة/ ووجود ص ١٨٧ السبيل، فبطل ما قلتم.
فإن قالوا: إنما سقط وجوب ذلك بدليل اقترن باللفظ.
قيل لهم: وإنما وجب تكرر غسل الجنب ووضوء القائم للصلاة من النوم إذا وجبت عليهما الصلاة بدليل، لا بنفس الشرط، ولا فرق في ذلك.
واستدلوا- أيضاً- على ذلك بأن النهي المعلق بصفة أو شرط يجب تكرر ما اقتضاه بتكرر رطه وصفته. فكذلك حكم الأمر، وهذا باطل، لأنهما عندنا سيان لا يجب التكرار فيهما. على أن أكثر الناس يوجب في النهي ضد ما قالوه لأنهم يزعمون أن مفهوم مطلق النهي بغير شرطٍ يوجب تكرار ترك المنهي عنه واجتنابه أبداً بضد ما يوجبه مطلق الأمر، لأن مطلق الأمر يوجبه مرة واحدة، ومطلق النهي يوجب الترك والاجتناب على التأبيد. وإذا قيد النهي بشرط إلى مدة لم يعقل منه إلا وجوب الترك والاجتناب دفعة واحدة عند أول ما يوجد من الشرط، لأن القائل إذا قال لعبده لا تدخل الدار، ولا تكلم زيداً مطلقاً كان ذلك على التأبيد، وإذا شرطه فقال: لا تدخل الدار إذا قام زيد، وإذا قدم عمرو، لم يعقل من ذلك إلا وجوب الكف دفعة واحدة مع أول الدخول. فهذا بضد ما قالوه.