الخطاب. إذا كان بلفظ يقتضي الاستقبال، نحو أن يقول: إذا قام زيد فكلمه أو فاضربه، ونحو ذلك، و "إذا "و "إن "يوجبان استقبال الفعل الذي هو الشرط. ولا معنى لقول القائل: إذا قام زيد فاضربه مع كون زيد قائماً وقت الخطاب. وإذا قال: اضرب زيداً إن كان قائماً أو راكباً صح أن يكون ما شرط بع الفعل واقعاً متقدماً، لأن معنى هذا اضربه إن وجدته قائماً أو راكباً.
ومن سبيل الشرط أن يكون مما يصح حصوله ويجوز كونه، وتصح القدرة عليه إن كان من كسب العبد، على قول من لم يجز تكليف المحال من أهل الحق. فأما من أجاز ذلك فلا يوجب كونه بهذه الصفة من جهة العقل، وإن كان الشرع لم يرد بذلك، ولم يجعل الشيء من العبادات شرطاً مستحيلاً. ولهذا لم يحسن عندهم أن يقال للمكلف صل إذا تحرك زيد في حال سكونه. وصل إذا كنت فاعلاً للشيء غير فاعل له وجامعاً بين الضدين، وإذا كنت في مكانبن، ونحو ذلك من المحال الممتنع من فعل الله سبحانه وكسب العبد، والأولى في هذا أن الأمر إذا ورد مشروطاً بالمحال لم يكن المكلف مأموراً بشيء لاستحالة وقوع الشرط، لأنه إذا قال له: صل إذا كان زيد متحركاًً ساكناً وعالماً جاهلاً. وزيد لا يجوز أن يكون كذلك أبداً لم يلزمه نحو هذا الأمر بشيء، وإنما تكليف المحال أن يقال له كن متحركاً ساكناً وعالماً جاهلاً ومخترعاً للأجسام، وجامعاً بين الضدين، وإذا كنت في مكانين. وهذا هو الذي لم يرد في العبادات. وأما أن يقال: إن الأمر المشروط بالمحال أمر بفعل ما، فبعيد لا يصح القول به.
فصل: ومن سبيل الشرط- أيضاً- أن يكون معلوماً متميزاً للمكلف، وأن يكون له إلى العلم به سبيل على قول من منع تكليف المحال. فأما من أجاز ذلك، فإنه