للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرادته والكراهة لتركه, وما أريد ضمه إليه ولم يكره تركه هو النفل. وهذا القول منهم نقض ظاهر لقولهم: إن الكفارات الثلاث واجبة كلها قبل الفعل لتساوي حالها في تعلق مصلحة المكلف بكل واحدة على وجه واحد, لأنه قول يوجب كون جميعها واجبا إذا وقعت ومرادة. ومكروها ترك جميعها إلى رابع سواها ومكروها ترك واحد منها بفعل الآخر, لأنه واجب كوجوب تركه سواء قبحت على هذا الأصل كونه تعالى مويدا لجميعها إذا فعلت على وجه واحد, وكارها للجمع بين تروكها برابع سواها, أو بأن لا يفعل جملة بغير ترك لها إن كان في فعل العبد مالا ترك له, أو ما يجوز أن يخلو منه ومن تركه. ويجب أيضا كونه. كارها لترك كل شيء منها بفعل آخر لاستوائها في الوجوب. وذلك يقتضي وجوب الجمع بينها. ويبطل معنى التخيير على ما بيناه من قبل.

والقسم الثالث: مخير في الجمع بينه. وقد أراد الواحد منها. ولم يرد الآخر ولم يكرهه, وذلك عندهم نحو التخيير بين ستر العورة وترك سترها. فإن كثيرا منهم يقول: إنه وإن خير في ذلك, فإنه قد أراد ستر العورة, ولم يكره ترك ذلك, ولم يرده, وهذا قول يوجب أن يكون سترها نفلا مرادا فعله, وإن لم يكره تركه. وقد بينا نحن فيما سلف أنه تعالى يريد من المكلف فعل ما يعلم انه يقع منه من الجمع بين ما يحل جمعه, أو الجمع بين ما ما يحرم جمعه, أو أن لا يفعل من ذلك شيئا إذا كان المعلوم أنه لا يفعل شيئا منه. فأغنى عن هذا التفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>