أولهما: تخصيص اللفظ ببعض المسميات، كما فعل أهل اللغة في الألفاظ العرفية، كلفظ الدابة: ولم ينكر أحد هذا التصرف. ومثله فعل المشرع في لفظ الحج والصوم والإيمان. حيث استعملها في معان لها علاقة بمعناها اللغوي. فهو ليس نقلًا كليًا للفظ. كما يقول المعتزلة، بل يوجد ارتباط وعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي.
ثانيهما: إطلاق أهل اللغة الاسم على ما يتعلق به ويتصل به، كتسميتهم الخمر محرمة، وفي الحقيقة المحرم شربها. وكذلك تصرف المشرع في لفظ الصلاة بعد أن كانت لا يفهم منها إلا الدعاء، أصبحت في الشرع تدل عليه وعلى غيره معه من تكبير وقراءة وركوع وسجود وقيام، وكل ما أدخله عرف الشرع في معناها.
وبذلك أثبت أصحاب هذا القول تصرفًا للمشرع في بعض الألفاظ، ولكن انكروا على المعتزلة ما ذهبوا إليه من القول بالنقل بدون ارتباط أو علاقة.
ومما أنكر به أصحاب هذا القول على من لم يُثبت للمشرع تصرفًا ما قاله الغزالي:"إنه لا سبيل إلى إنكار تصرف الشرع في هذه الأسامي، ولا سبيل إلى دعوى كونها منقولة عن اللغة بالكلية كما ظنه قوم". ثم قال:"فتسليم هذا القدر من التصرف بتعارف الاستعمال للشرع أهون من إخراج السجود والركوع من نفس الصلاة، فما أحدثه الشرع من عبادات ينبغي أن تكون لها أسماء معروفة، ولا يكون ذلك إلا بنوع تصرف في الألفاظ اللغوية".
وأما إمام الحرمين فعبارته في حق الطرفين حادة كعادته. فقال في شأن المعتزلة، ومن قال بقولهم: "ومن قال: إنها نقلت نقلًا كليًا، فقد