وينهى عما هو قبيح, لكنه لم يكن قبيحًا ولا حسنًا لأجل أمره ونهيه, فعلم بهذه الجملة أنه ليس من حق الأمر وشروطه وصفته أن يدل على حسن المأمور به, ولا من حكم النهي أن يفيد قبح المنهي عنه في أصل اللغة والوضع, وإنما أجمع المسلمون على أن ذلك حكم ما أمر الله به ونهى عنه لأجل ما قدمناه من أن ما أمر به فقد حكم بحسنه, وأن ما نهى عنه فقد حكم بقبحه, فوجب لأجل ذلك القول بأن كل ما أمر الله عز وجل به فإنه حسن وكل ما نهى عنه نهيًا محرمًا فإنه قبيح لا لأجل إفادة الأمر والنهي لذلك في أصل اللغة والوضع, والقدرية تزعم أنه لم يكن الشيء حسنًا وقبيحًا لموضع أمره ونهيه تعالى به وحكمه فيه بذلك, بل لوجه هما في العقل عليه ينبئ عنه الأمر والنهي, ولولا حصوله في العقل على ذلك الوجه لم يحسن الأمر به والنهي عنه, فإذا قد اتفقنا على أنه لم يوضع الأمر لإفادة حسن المأمور به, ولا النهي عنه لإفادة قبحه.