والذي نختاره في ذلك أن مطلق اسم الجمع يقع على الاثنين، وما زاد عليهما حقيقة وإن أقل الجمع اثنان.
والذي يدل على ذلك أشياء أحدها إجماع أهل اللغة وغيرهم على صحة إجراء اسم الجمع وكناياته على الاثنين كإطلاقه على الثلاثة وما فوقها، وقولهم فعلتم ويفعلون. ولا خلاف في ذلك. وقد ورد به القرآن ومنثور كلام العرب ومنظومه.
قال الله سبحانه في قصة موسى وهارون عليهما السلام:{إنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ} وإنما هما اثنان.
وقال تعالى في قصة يعقوب عليه السلام:{عَسَى اللَّهُ أَن يَاتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} وإنما هما يوسف وأخوه: وقوله بهم كناية عن الجمع.
وقال تعالى:{إن تَتُوبَا إلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وإنما هما قلبان، وقوله: قلوبكما اسم الجمع.
وقال تعالى:{ودَاوُدَ وسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ في الحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فيهِ غَنَمُ القَوْمِ وكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}، وإنما هما إثنان. وقوله لحكمهم كناية عن الجمع. ولو قال لحكمهما لجاز.
وقال تعالى:{وإن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} وقوله: اقتتلوا اسم الجمع. ثم قال تعالى:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، وذلك لفظ التثنية، ثم قال:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، ثم قال:{إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} بلفظ الجمع.