إثبات الحكم لمن علق عليه فقط دون نفيه عن غيره، ولذلك يحسن أن يقال: إنما الأعمال بالنيات، وبالألم وبالمشقة وأن يقول: إنما الولاء لمن اعتق ولمن وهب ومن صام وتصدق، ونحو ذلك، ولا يبعد أن يقال إن ظاهر تعليقه بإنما يدل على أن ما عدل المذكور بخلافه، وأنه قد عقل من قوله إنما الولاء لمن أعتق نفيه عمن لم يعتق، ومن قوله: إنما الأعمال بالنيات إن لم ينو فليس بعمل نافع، وعلى هذا ورد قوله تعالى:{إنَّمَا اللَّهُ إلَهٌ واحِدٌ} يعنى أنه وحده يستحق العبادة والوصف بالإلهية دون كل شيء سواه. ومنه قوله تعالى:{إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} وظاهره أن غير العلماء لا يخشونه. وهذا ظاهر الإطلاق.
وقولهم ليس هذا ظاهره، لأنه يجوز أن يقوله ومن وهب وتصدق، فلو كان ظاهره نفي الحكم عمن عدا المذكور لم يجز إثباته لغيره ومساواته له فيه، فإنه غير قادح فيما قالوه، لأنه إنما يدل على نفي الحكم عن غيره إذا لم ينص على دخل بعض أغيارها وكلهم معه في الحكم المعلق عليه بإنما - فإذا جعل غيره كهو بطلت دلالة الكلام بما ضم إليه، ولو كان ما قالوه واجبا لبطل أن يكون قوله اقتلوا المشركين عاماً مستغرقاً لأنه يحسن أن يقول إلا زيد وفلان، فلو كان اللفظ موضوعاً للعموم لكان الاستثناء نقضاً له، فإذا لم يجب هذا لم يجب ما قالوه، لأنه إنما يدل بالتجريد له بالحكم من غير نص على مساواة للعين له، فزال القدح بهذا وثبت ما قلناه.
وقد يقول القائل/ لغيره إنما النبي محمد صلى الله عليه وسلم تأكيداً لثبوت نبوته لا يقصد نفي كون ما عداه في سائر الناس نبياً، وإنما زيد عالم ولا نفي كون كل غير له عالما فزال ما قالوه.