حالاته - أيضاً - أن يكون بمثابة العلة الشرعية، وكون الشيء علة لا يمنع من كون غيره أيضاً علة، ولذلك جاز إثبات الحكم الواحد بعلتين مختلفتين. وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قالوه.
وقد زعم بعض من قال بذلك أن من حق الحكم المعلق بالشرط إذا ورد على وجه البيان أن يدل على نفي الحكم عما ليس هو فيه، وذلك نحو أن يقول: اقتلوا المشركين الحربيين والقتلة المغتالين، وفي خمس من الإبل السائمة زكاة، وأمثال هذا، ولا يدل إذا لم يرد كذلك وكان خطابه مفيدا.
وهذا- أيضاً- باطل لأنه لا فصل بين الأمرين، ولو ساغت هذه الدعوى لساغ قلبها وأن يقال: إذا ورد الحكم مبتدئاً ومعلقا بالشوط دل على المخالفة، وإن كان بياناً لمجمل لم يجب ذلك فيه وإلا فما الفرق بين أن يبتدئ فيقول في سائمة الغنم زكاة غير مبين به مجملاً تقدم، وبين أن يقول في الإبل إذا كانت سائمة زكاة/، وذلك ما لا يمكن الفصل فيه.
فإن قيل: فإذا جعلتم قوله في الغنم إذا كانت سائمة قدرها كذا زكاة هل تجعلون ذكر السوم بياناً؟
قيل: أجل، هو بيان لما تعبدنا به، وذلك لا يوجب نفي الحكم عما ليس سائمة، ولا يمنع أن يكون قوله السائمة بيان لما يجب الحكم فيه، وهو ما فيه السوم، وليس هو بيان لما لا يجب الحكم فيه. وقد يكون الشيء بيانا لشيء وحكما في شيء وإن لم يجب أن يكون بيانا لغيره، فيكون بيانا لحكم بعض ما اشتمل عليه الاسم.
فلا نجيز إذا كان ذلك كذلك أن يكون بيان ما فيه الحكم بياناً لغيره وهذا واضح في إبطال هذا القول.
وليس الشرط كالغية في هذا الباب لما بيناه من قبل، فلا يجب إذا كان