الدليل من العلماء مقصرا مفرطا بتركه العلم بما وجب عليه القضاء به.
فإن قالوا: ولم لا يجوز أن يوجب عليه الحكم بعموم اللفظ وموجب الاجتهاد إذا ظن أنه لا شيء يمنع من ذلك وجوز مع ظنه له أن يكون هناك ما يمنع منه.
قيل: لأنه إذا جوز ذلك المانع مانعا للعامة من الحكم. وإنما هو مانع للعالم، فلا يجوز له الإقدام على حكم يجوز أن يكون ممنوعا منه, كما لا يجوز له أن يبتدئ الحكم بقياسه وغلبة ظنه من غير بحث ونظر مع تجويزه أن يكون هناك ما يمنع من الحكم بذلك, فصح ما قلناه?.
فإن قيل: أفلستم قد جوزت للمجتهد أن يحكم بما يغلب على ظنه أنه الحق مع تجويزه أن يكون الحق في غير ما حكم به.
قيل له: ما نقول ذلك, بل الحق عندنا في قول كل مجتهد على ما نبينه من بعد, ومن أعتقد أنه في واحد فقد أعتقد الخطأ.
وقد اعتل من قال هو يعم ذلك عند غلبة ظنه إنه لا دليل أو عند عدمه الدليل وإن لم يغلب ذلك على ظنه فإنه يجوز ذلك. وإن كان فرضه عند الله غير ما فعله, وأنه لا يجوز قطعه على أنه لا دليل يخصه, وأنه قد أحاط علما بأدلة الشرع, بل يجوز أن يكون فيه دليل لم يعثر عليه, ولا يجب عليه العمل به, وإن لم يعلم به, وإنما يجب عليه العمل بما علمه وبلغه.
كما أنه لا يجب على من نسي صلاة لم يخطر بباله ذكرها إعادتها, وأن كان فرضه عند الله إعادتها. وهذا غلط, لأن من هذه حاله لا يجب عليه فعل ما نسيه ولا فعل مثله إذا لم يتبين إنه كان نسي، وليس عند الله غير الذي عنده من لك, فبطل ما قالوه.