ولعلك قد وجدته كما وجدناه لكنك تكتم ذلك لغرض لك من نصرة المذهب أو غيره، لأن مثل هذا يسوغ - أيضاُ - أن يقال لكل من استدل علي إثبات حكم عقلي بالتقسيم وإفساد جميع الأقسام إلا واحداً منها.
وأن يقال له: وما يدرينا إنك صادق في قولك لا يخلو الحق أن يكون في أحد هذه الأقسام فلعله عندك في غيرها وزائد عليها غير أنك تكتم ذلك لنصرة المذب أو غيره من الأغراض. وكل هذا مراوغة وظلم في النظر. وعلي أنه إذا كان مع المستدل بهذه الدلالة عدد يعتقدون مثل اعتقاده، ويخبرون أنهم لم يجدوا شيئاً يمنع من ذلك، ومثل عدتم لا يجوز عليهم كتمان ما يعملون، كما لا يجوز عليم افتعال كذب لا أصل له علم بذلك أنه لا يمكن أن يكونوا عالمين بالمانع من كتمانه، فبطلت هذه المطالبة.
وليس يمتنع - أيضاً- عندنا أن يقال إن العالم إذا اجتهد في طلب ما يخص العموم ويمنع من الاجتهاد في حكم الحادثة فلم يجده، ولم يجده في علماء الأمة من في يده دليل علي تخصيص العام في حكم الحادثة فلم يجد، ولم يجد في علماء الأمة من في يده دليل علي تخصيص العام، ونص مانع من الاجتهاد أ، يعلم ويقطع علي الله سبحانه أ، هـ لا دليل لله سبحانه يوجب تخصيص ذلك العام والمنع من الاجتهاد في تلك النازلة، لأنه لو كان علي ذلك لم يجز حفاؤه عليه وعلي سائر العلماء مع تكليفه إياهم لإصابته، لأنهم إذا لم يصيبوه، ولا أحد منهم، مع هذا التكليف كانوا متفقين علي الخطأ وتضييع الحق الذي أمروا بالمصير إليه، وذلك ممتنع عليهم في كل وقت من الأوقات مع بقاء عصرهم ومع انقراضه، فيجب لذلك أن يقطع العالم علي انه لا دليل لله تعالي في مثل هذا، وإن لم يحتج أن يقول إنني قد أحطت بجميع