الأول: لا نسلم بحكم الأصل. فإنه لا يمتنع تعظيم زيد والاستخفاف به في حال واحد.
الثاني: سلمنا جدلًا بحكم الأصل? ولكن يوجد فرق بين الأصل والفرع? فالقياس باطل? فتعظيم زيد والاستخفاف به في آن واحد يختلف عن حمل اللفظ المشترك على معنييه. أو اللفظ على حقيقته ومجازة? فالمتكلم يجوز أن يريد المعنى الحقيقي والمعنى المجازي بخطابين في وقت واحد? فالتعظيم بنبئ عن ارتفاع حال المعظم? والاستخفاف به ينبئ عن أتضاع حالةً? ومحال أن يكون الإنسان في حال واحدةً مرتفع الحال متضع الحال? وليس ذلك إرادة الاعتداد بالحيض ثم نحن لا نقول بالحمل إلا فيما يمكن فيه الجمع بين المعنيين.
واحتج أبو عبد الله البصري -أيضًا- بهذا القول بأن المتكلم لو استعمل الكلمة الواحدةً في حقيقتها ومجازها في آن واحد لكان قد أراد استعمالها فيما وضعت له? وأراد العدول بها عما وضعت له في آن واحد? وذلك متنافي. كما يستحيل إرادة الاقتصار على الشيء والمجاوزة عنه إلى غيره.
ويجاب عن ذلك أن المتكلم إذا استعمل لفظة ((النكاح)) في العقد وفي الوطء? فإنه يكون أراد بها الوطء? وأراد بها العقد? فلا يوجد في فعله هذا عدول? بل يكون استعمالها في معنييها? فإن قصد أبو عبد الله انه أراد أن لا يستعملها فيما وضعت له فليس صحيحًا.