ويمكن أن يجاب عن دليل الجصاص هذا بأننا لا نسلم أن كل من أثبت أحد المعنيين نفي المعنى الآخر أن يكون مرادًا. بل يوجد من الصحابة من حمل اللمس على المس باليد? ومع هذا أباح التيمم للجنب. مما يدل على أنه حمله على معنييه, والذين نقل عنهم من الصحابة أنه لا يرى للجنب أن يتيمم هو: عمر بن الخطاب? وعبد الله بن مسعود? وذكر الضحاك أن ابن مسعود رجع عن قوله هذا على ما في مصنف ابن أبي شيبة. ونقل قوله ورجوعه ابن قدامة في المغني أيضًا.
واستدل لهذا القول من جهة اللغةً أبو الحسين في المعتمد بقوله: لا يجوز أن يراد بالكلمة الواحدةً المعنيين المختلفين سواء كانا حقيقتين أو حقيقة ومجازًا. فمثلًا: وضع أهل اللغة كلمة ((حمار)) للبهيمةً وحدها حقيقةً? والبليد وحد مجازًا? ولم يستعملوه فيهما معًا. ولو قال:((رأيت حمارين)) لم يعقل منه أنه رأى بهيمتين ورجلين بليدين وكذلك في الحقيقتين مثل: القرء للحيض والطهر. فقد وضعته أهل اللغة للحيض وحده? وللطهر وحده? ولم يضعوه لهما معًا. لأنهم لو وضعوه لهما معًا? لكان استعماله في أحدهما مجازًا. وللزم - أيضًا - وضعهم لهما معًا? أن يفهم من لفظةً ((قرءان)) طهرين وحيضتين? ولا يمكن أن يكون مرادًا من قوله: اعتدي بقرء أن تعتد بالطهر والحيض معًا.
وأجيب: لا نسلم بأنه إذا لم يكن موضوعًا للمجموع لم يجز استعماله في المجموع? بل وضعه لكل واحد من المعنيين كاف في الاستعمال في المجموع مجازًا.