جلية مع بيان مذهبه الذي يدين الله به وينتصر له. كما يظهر تعدد المصنفات واتساع بسط الاستدلال - أيضًا - في مصنفات قرينه ومعاصرة قاضي قضاة المعتزلة عبد الجبار بن أحمد الذي ألف العديد من كتب الاعتقاد. وعلى رأسها موسوعته التي سماها بالمغني. والتي عثر حتى الآن على أكثر من عشرين مجلدًا منها.
ثانيًا: كان كل أمير ووزير يحرص على أن يكون في بلاطه وردهات قصره كبار المفكرين في شتى نواحي المعرفة من الأدباء والشعراء والمتكلمين والفقهاء، يحيطهم برعايته ويغدق عليهم. ويعتبرون عملهم هذا مدعاة للفخر والاعتزاز. ومن هنا ندرك سبب حرص عضد الدولة على استقدام القاضي الباقلاني من البصرة إلى شيراز لكي يمثل أهل السنة في مجالسه العلمية، وإن كان هو معتزليًا رافضيًا. كما أن السبب نفسه هو الذي دفع بالصاحب ابن عبد إلى استقدام عبد الجبار بن أحمد الذي أصبح قاضي قضاة المعتزلة إلى الري.
ثالثًا: شيوع الاضطراب السياسي، وانتشار الظلم في المجتمع قد يكون سببًا في حمل كثير من أهل الفكر وذوي العقول الراجحة أن يفروا من العمل السياسي إلى العمل العلمي، وبذلك يتوفر لهم الوقت الطويل للانقطاع للإنتاج العلمي. وهيبة العلماء وحرمتهم وقعت في نفوس كثير من الأمراء. وكان عدم انغماسهم في العمل السياسي ملاذًا لهم من بطش الأمراء والوزراء.
فليس من الضروري أن يتبع العمل العلمي والثقافي العمل السياسي قوة وضعفًا.