يكون هو كل العلوم الضرورية، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون من فقد العلم بالمدركات لعدم إدراكه لها غير عاقل ولا مكلف.
ويستحيل أيضا أن يكون هو علم العالم بوجود نفسه وما يجده فيها من الألم واللذة والصحة وأمثال ذلك هذا يوجب كون الأطفال والبهائم والمجانين عقلاء لعلمهم بوجود أنفسهم وما يوجد فيها من هذه الأمور, وذلك باطل, فيجب أن يكون هو بعض العلوم الضرورية التي يختص بها العقلاء, نحو: العلم بأن الضدين لا يجتمعان، وأن المعلوم لا يخرج عن أن يكون موجودا أو غير موجود لا ينفك عن أن يكون عن أول أولا عن أول, وإن الاثنين أكثر من الواحد، والعم بموجب العادات التي تختص بها العقلاء دون غيرهم من الأحياء, والعلم بموجب الأخبار المتواترة, وما جرى مجرى ذلك مما يختص العقلاء بالعلم به دون غيرهم فمن حصل له هذه العلوم كان عاقلا مكلفا.
فصل
ولا يصح على التحقيق أن يكون عقل أكمل من عقل وأوفر وأرجح من عقل لما بيناه من ماهية العقل. وإنما يقال إن أحد العاقلين أكمل عقلا