له في فعله ولا ضرر عليه في تركه من حيث هو ترك له". وهذا - أيضًا - حد يفصله من فعل القديم, وفعل كل من ليس بمكلف, لأنه تعالى غير معلم بحكم ذلك من فعله من جهة سمع, ولا من ذكرنا حاله ممن ليس لمكلف من المنتقصين.
فإن قيل: ما معنى قولكم: ما أعلم فاعله ذلك من حكمه من جهة السمع؟
قيل له: لأن العاقل يعلم أنه لا ضرر عليه في ترك الفعل ولا نفع له فيه من جهة العقل, ولا يوصف فعله بأنه مباح.
فإن قيل: فما معنى قولكم: حده ما أعلم فاعله أنه لا ضرر عليه في تركه من حيث هو ترك له.
قيل له: لأجل أنه لو ترك تارك المباح بفعل المعصية الحرام لكان معاقبًا على ذلك ومستضرًا به, لا من حيث كان تاركًا للمباح ولكن من حيث كان في نفسه محظورًا.
وقد حد كثير من الناس المباح بأنه "ما كان فعله وتركه سيان" وهذا باطل, لأنه يوجب كون فعل القديم تعالى مباحًا, لأن فعله وتركه سيان في أنه لا نفع له ولا ضرر عليه في فعله ولا تركه إن كانوا أرادوا بتساويهما هذا الوجه, وإن أرادوا تساويهما في المصلحة, فذلك - أيضًا - باطل, لأنه قد تستوي كثير من أفعال القديم وتروكها وأضدادها في المصلحة, فيجب كون