للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطبقت كتب التراجم على وصف الباقلاني بالقاضي، مما يدل على أنه تولى القضاء، وفي الغالب يكون في فترة حكم تلميذه صمصام الدولة. وذلك لأنه كما تقدم أنه تركن معتقد المعتزلة والتزم بمعتقد الأشاعرة، فنقل القضاء من أيدي المعتزلة ووضعه في أيدي أهل السنة. والذي يظهر لي أنه لم يكن مجرد قاض فقط، بل كان مناطًا به تعيين القضاة. يشهد لذلك ما ذكره ابن عساكر في تبيين كذب المفتري في ترجمة أبي حامد أحمد بن محمد الاستوائى المتوفى سنة ٤٣٤ هـ أنه تولى القضاء بعكبرا من أبي بكر ابن الطيب الباقلاني.

وبقي أمر آخر من أعماله أشارت إليه كتب التراجم، وهو قيامه بالتدريس في المساجد، فكان يقصده طلاب العلم فيفدون إليه من المشرق والمغرب كما يظهر ذلك جليًا من الفصل الذي عقدناه لتلاميذه. وقد أصبح تلاميذه - فيما بعد - منارات للعلم والمعرفة في المشرق والمغرب.

ذكر ابن العماد في شذرات الذهب، وابن فرحون في الديباج المذهب، أنه كان له حلقة عظيمة بجامع المنصور ببغداد، كانت تضم رجال الدولة وعلماء المذهب، ودعاة الفرق المختلفة.

هذا ما استطعت الوصول إليه من الأعمال التي كان يشغلها القاضي الباقلاني والمناصب التي تسلمها. ومع هذا فإن هذه الأعمال لم تشغله عن قيامه بالتأليف والتصنيف، وسيظهر لك مدى ضخامة إنتاجه العلمي في شتى العلوم والفنون الذي قلما حصل لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>