وجه من الوجوه فهو المجاز المستعمل في غير ما وضع له في اللغة. والذي ليس من باب المحذوف الذي قد عرف الحذف منه بعادة الاستعمال, والقصد بالكلام. وإنما هو المنقول عن بابه وما وضح له, وذلك نحو قوله تعالى:{جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ} وقوله تعالى: {لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} وقوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنتُمْ سُكَارَى} ص ٨٥ على قول من قال أراد المساجد الجامعة ومواضع الصلوات تعظيمًا وتوقيرًا لها ولحاضريها, ويؤيد هذا التأويل قوله:{ولا جُنُبًا إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} والعبور لا يكون في الصلوات لكن في مواضع الصلوات.
ومنه قولهم: رأيت حمارًا أو ثورًا إذا أرادوا الرجل البليد المشبه بالثيران والحمير لبلادته لأن القصد بهذا اللفظ غير معلوم بصريحه ولا بلحنه. وإنما يعلم بشيء تضام الخطاب ويدل به على أنه معدول به إلى المجاز, ولا يفهم من اسم الشيء غيره الذي لم يوضع له الاسم إلا بدليل سواه. وقولنا: إن هذا غير مفهوم إنما نريد به أن المراد منه المتجوز به فيه غير معلوم منه, ولا نعني بذلك أنه في الأصل غير موضوع لإفادة معنى. وليس هذا بقول لأحد. هذه جملة أقسام المفيد من الكلام.