إذا قال: إنما الأعمال بالنيات، فإنما يفهم منه أنها تكون نافعة محتسبة بالنية. وإذا قال: لا عمل إلا بينة، فكأنه صرح فقال لا عمل نافع إلا بنية.
وقد يريد بقوله: لا عمل نافع على وجه من الوجوه إلا بنية فيرفع به النفع جملة.
وقد يجوز أن يريد أنه لا عمل نافع مثل نفع العمل بنية، ولكنه دونه في النفع، فيكون نافيًا لنفع دون نفع، لا لجملة النفع أصلًا فيجري مجرى قوله عليه السلام:
"لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد". وهو يعني لا صلاة تامة كاملة لها من الثواب مثل ثواب الصلاة في المسجد، فتجوز دعوى الإجمال في الخبر من هذا الوجه.
فإن قيل: فأنتم إذًا لا تعلمون بنفس هذا القول نفي النفع والثواب أصلًا وعلى كل وجه على العمل بغير نية.
قيل له: أجل، لأنه قد كان يجوز أن يراد به نفي كمال النفع والثواب دون نفي قليله وكثيره، وإنما علمنا أن ما وقع بغير نيةٍ وغير مراد به الله سبحانه مما يجوز أن يراد الله سبحانه به، ويجوز أن لا يراد به دون نفس الإرادة له بالعمل والإخلاص، ودون النظر والاستدلال على معرفة الله