كل مؤمن يعتقد المعتقد الصحيح. والذي يظهر لي إما أن يكون ما نقلاه موجود فعلًا في كتابه الإبانة، ويكون بذلك قد رجع عما في كتبه التي بين أيدينا إن كان متأخرًا عنها. أو أنه رجع عما في الإبانة إن كانت الإبانة متقدمة. أو أنهما التبس عليهما كتاب أبي الحسن الأشعري الموجود فعلًا فيه هذا الكلام بكتاب الباقلاني. وهذا الاحتمال هو الأرجح في ظني. والله أعلم. لأن أتباعه لم ينسبوا هذا القول له مع شدة حرصهم على نقل أقواله وتدوينها.
وما نسبة ابن تيمية - رحمه الله - للباقلاني من مخالفته للأشاعرة، وأنه أقل نفيًا منهم في الصفات يوضح سر قوله عنه في الفتاوي: وهو أفضل المتكلمين المنتسبين للأشعري ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده".
وبهذا يتضح أن الأشاعرة اليوم لا يوافقون الباقلاني في كل شيء حيث إنه يثبت لله وجهًا ويدًا وهم لا يثبتون. كما أنهم لا يوافقون إمامهم أبا الحسن الأِشعري معتقدة، الذي انتهى إليه ودونه في كتابه "الإبانة"، بل بعضهم ذهب لعدم صحة نسبة الكتاب إليه.
بقي خطأ وقع فيه أحد المعاصرين لا يستحق الإشارة إليه لوضوحه من العام والخاص من طلاب العلم، وهو أن الدكتور عبد الكريم بلبع في كتابه "النثر الفني وأثر الجاحظ فيه" قال عندما تكلم عن السجع ومنكريه في القرآن: إنها فكرة قديمة وسائدة منذ أزمان تشبث بها المعتزلة، ومنهم الباقلاني". فالباقلاني وعدواته للمعتزلة يعرفها القاصي والداني، ويشهد لها كل صفحة من كتبه. فهو لا يهادن المعتزلة لا في سفر ولا حضر ولا ليل ولا نهار. ولكن لعل ما ذكره الدكتور زلة قلم.