اضطرار خلقه إلى العلم بسائر المعلومات، فإذا اضطر المخاطب إلى أنه الله رب العالمين أسقط عنه تكليف معرفته، وإن كلفه أمورًا أخر من ضروب طاعاته من التبليغ عنه، وغير ذلك من الأفعال والعبادات، وقد يصح أن لا يضطره إلى العلم بأن الخطاب خطاب وكلام له سبحانه، بل يدله على ذلك بما يقرنه به من الآيات على ما رتبناه من قبل. فأما علم سامع الكلام منه بمراده به، فالأولى عندنا فيه أنه لا يصح أن يقع للمكلم إلا ضرورة، لأنه ليس من جنس الكلام والأصوات التي قد تقدمت مواضعة على معانيها/ في بعض اللغات فيعلم سامعه بنفس سماعه له معناه، بتقدم العلم بالمواضعة، ولا يعلم وجهًا لكونه عليه يدل على أنه مثلًا أمر بفعلٍ مخصوص، على وجهٍ مخصوص، لشخصٍ مخصوص، في زمن مخصوص، دون غيره، فوجب عندنا القول بأن سامع الخطاب من ذاته إنما يعلم مراده بكلامه باضطراره له إلى ذلك.
وقد قال الجمهور من شيخونا - رحمهم الله - إن سامع كلامه تعالى منه على هذا الوجه يعلم مراده به بنفس سماعه.
والوجه الآخر الذي يكون عليه خطابه أن يخاطب المكلفين من البشر من النبيين وأممهم ومن الملائكة الذي يرسل إليهم بعضهم بما شاء سبحانه، وطريق علم جميع هؤلاء بما يؤديه المتحمل إليهم النظر والاستدلال إذا كانوا لمعرفته سبحانه مكلفين، وطريق علمهم بذلك الاستدلال بظهور ما يظهر على