الكلام وموضوع الخطاب من غير حاجة إلى نظر واستدلال.
والضرب الآخر، هو المجمل والمحتمل لمعاني مختلفة. وما هذه حاله، فإنما يعلم المراد منه بدليل يقترن بالخطاب. ودليلة ينقسم قسمين:
إما عقلي أو توقيف من المبلغ بلفظ وما يقوم مقامه.
فما كان دليله عقلياً/ صح أن يحيل الملك الرسول والرسول لأمة في معرفة لمراد به على دليل العقل. وجاز- أيضاً- أم يذكرا معناه، والمراد به بالتوقيف عليه، وذلك تخفيف للمحنة ومغن عن لنظر في دليل العقل، إلا أن يقال للمكلف: قد ألزمناك أن تعرف ذلك بحجة العقل، وطريق دليله عليه، كم ألزمناك معرفة دليل التوقيف والسمع فيلزمه عند ذلك معرفة الدليلين.
فأما ما يكون الدليل على أحد محتملاته اللفظ والتوقيف وما يقوم مقامه مما لا مجال للعقل في تعيينه وتمييزه. فإنما يعرفه الرسول عن الملك، والأمة عن الرسول بضروب الألفاظ والتأكيدات والإشارات والرموز والإمارات التي يضطر الرسول هند مشاهدتها من الملك والأمة عند مشاهدتها من الرسول إلى مرادهما، وليس لها نعت موصوف وحد محدود، وإنما يعلم ذلك المشاهد له على قدر مشاهدته على ما بيناه في صدر الكتاب. وذات الملك مشاهدة للرسول، كما أن ذات الرسول مشاهدة للأمة. والذات إذا شوهدت صح العلم بها وبأن الخطاب خطاب لها وبمرادها بالخطاب ضرورة.