والأولى أنه يصح عندنا أمر الآمر لمن هو مثله وفوقه في الرتبة والنظر في هل تحب طاعة من هذه حالة فيما أمر به أملا؟ ليس من الكلام في صحة وقوعه لمن هو فوقه في شيء, وذلك موقوف على الدليل.
فصل: فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون العقل أمرا بما يوجب فعله على المكلف وترغيبه فيه كما يجب ذلك في القول؟
قيل له: العقل عندنا لا يوجب شيئا ولا يحرمه ولا يحظره ولا يحسنه ولا يقبحه, كل ذلك محال لما بيناه. والسؤال مبني على هذا الأصل الفاسد فسقط قول من قال ذلك.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الإيماء والرموز والإشارة أمرا لأنها تدل على الأمر كدلالة الأصوات؟
يقال له: لا يجب ما قلته لأن ما سألت عنه دلالة على الأمر, وكذلك القول"افعل" بقرينته, وليس نفس ذلك هو الأمر, ونحن لم نقل إن الأمر ما دل على اقتضاء المأمور به, وإنما قلنا هو اقتضاء المأمور به, والأصوات والرموز والإشارات والعقود والخطوط دلالات على القول المقتضى به الفعل, فيسقط الاعتراض, على أنا قد قلنا إنه القول المقتضى به الفعل.
ثم لو سلم أن الرمز والإشارة اقتضاء الفعل- على فساد ذلك وبعده- لم يقدح ذلك في حدنا، لأنه ليس نقول اقتضى به الفعل. وفي حدنا أنه قول هذه حاله, فبطل ما قالوه, والذي يبين ذلك أن الأصوات التي توصف بأنها هي