صفة له تزيد على حدوثه تقتضي إرادته أو كراهيته, ولو كان كذلك لأمر به أو نهي عنه.
فإن قال قائل: فيجب أن يكون آمرا بالمباح إذا كان قال لفاعله: افعله وهو مريد له منه إذا كان المعلوم وقوعه منه, لأن القول"افعل" إنما يصير أمرا لإرادة الفعل المذكور فيه. يقال له: لا يجب ما قلته, لأننا قد بينا فيما سلف أن الأمر أمر لنفسه لا لإرادة الفعل المذكور فيه فسقط ما قلته.
ويدل على فساد هذا القول- أيضا- أنه قول يوجب على من زعم منهم أن الله سبحانه وقد أراد أهل الجنة إليها مع قوله تعالى {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} وأراد أكلهم وشربهم مع قوله تعالى: {كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أن يكون الله تعالى آمرا وناهيا ومكلفا لأهل الجنة, وأن يكونوا في داغر محنة وتكليف.
وقد اضطربت القدرية عند هذا الإلزام, فقال كل من حقق كلامه, وعلل كونه أمرا بالإرادة للمأمور به أنه سبحانه وتعالى غير مريد لدخولهم الجنة, ولا لأكلهم وشربهم وتصرفهم, لأنه لو أراد ذلك مع قوله لهم:{ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} لوجب أن يكون آمرا لهم بذلك، وأن تكون كدار الإبتلاء والمحنة, وأن يكونوا مرهبين ومزجورين ومرغبين. وهذا يوجب إفساد النعيم, وكونهم في تنغيص وتكدير, وذلك باطل.