ضد قوله ونقيضه, فثبت أنه لو كان مفيدًا لذلك لوجب أن لا يفيده إلا بلغة وتواضع على معناه وتوقيف على ذلك, وقد علمنا أنه لا توقيف عنهم فيه, لأن مدعي وضع ذلك في لغتهم إنما يجب علمه به بمعاذرتهم وحضور مواضعتهم أو بالنقل الذي يحج مثله عنهم, إما بأن يكون خبرًا متواترًا يقتضي علم الاضطرار بمخبره لسامعه, أو مدلولًا عليه ببعض أدلة الأخبار من نطق كتاب بتصديق راويه, أو توقيف عن الرسول عليه السلام على صدقه بتلقي ذلك عنه أو بخبر عنه يحج مثله ويقطع بصدقه, وذلك غير موجود في روايتهم لهذه الأمور التي يدعونها في الأوامر والنواهي والأخبار والعموم عن أهل اللغة: أو يعلم صدق الخبر عنهم بذلك بإطباق الأمة وإجماعها على تصديق الراوي لذلك عنهم, وهذا - أيضًا - مفقود في خبرهم, أو أن يكون معلومًا عنهم بأن ينقله الآحاد بمحضر أهل اللغة أو فرقة منهم لا يجوز عليهم تصديق كاذب وإقرار لباطل يضاف إليهم, ويدعي عليهم به, هذه جملة ما يدل على ثبوت الخبر وقيام حجته.
وإذا لم يكن مدعي وضع اللغة للعموم وللأمر والنهي أو لإفادة مجرد الأمر للإيجاب أو الندب أو فعل مرة أو التكرار أو الفور أو التراخي قادرًا على إثبات رواية عنهم في ذلك ثبت وجوب الوقف في ذلك أجمع.
فإن قالوا: فهذا الدليل بعينه منقلب عليكم في القول بالوقف لأنكم تدعون أنه في اللغة موقوف وموضوع للوقف, فيجب أن تنقلوا ذلك عنهم نقلًا تقوم به الحجة.
يقال لهم: لسنا نريد بالوقف وقولنا إنه مشترك أن أهل اللغة قالوا إنه موقوف فيجب أن ينقل ذلك عنهم, وإنما نعني بالوقف أن الأمر يكون واجبًا