الشرع إذا ورد فهو قوله بالوقف الذي يذهب إليه, وأكثر أصحابه تقول مذهبه حمله على الوجوب, وفريق منهم يقول حمله على الندب, وقد أورد - رحمه الله - في ذلك ألفاظًا مختلفة فكان إذا ذكر الأمر الوارد بعد الحظر يريد بذكر الأمر هنا الإباحة, وهو القول "افعل" الذي يعبرون عنه بالأمر, قال: أباح الله كذا بعد أن حظره وقال جل أصحابه: الأمر الوارد بعد الحظر عنده على الإباحة.
وإذا ذكر أصول الشرائع والأمر بها قال: فرض الله عز وجل على نبيه وأمته كذا وكذا من صلاة وحج وصيام وأمثال ذلك, وإذا ذكر الأمر في الفروع التي تحل محل ما لا يجوز خلافه من الأصول قال: أوجب الله تعالى كذا وكذا, وقد يقول: ندب الله إلى كذا وكذا وأرشد إليه فهذه إطلاقاته.
والأولى به عندنا أن يقول: فرض الله وأوجب في الأوامر التي دل الدليل على أنها على الوجوب لا بكونها أوامر فقط, ويقول: ندب وأرشد فيما دل الدليل على أنه على الندب, لا من حيث هو أمر, والذي نص عليه في كتاب "أحكام القرآن" أن قال: "إن الأمر من الله عز وجل يحتمل أن يكون ندبًا ويحتمل أن يكون واجبًا" وقال في هذا الكتاب: "إن نهي الله تعالى على الإيجاب والتحريم"