والكذب, وكذلك القول قد أجرتك وقد استأجرت منك, والقول قد زوجتك, وقد قبلت منك, والقول سالم حر وهو عتيق وقد أعتقتك إنما هو بلفظ الخبر عن العتق, وكذلك أنت طالق وقد طلقتك لفظ الخبر وإن كان مفيدًا للإيقاع, وليس يجوز أن يكون لفظ الخبر قائمًا مقام لفظ لو وضع للإيقاع إلا بأن يصدر ممن يملك الإيقاع ويصح منه أو من يقوم مقام مالك ذلك من الوكلاء والأولياء.
وكذلك ما لو قال قائل عبد زيد حر وعتيق وامرأة عمرو طالق لم يكن ذلك مفيدًا للإيقاع لصدوره عن غير مالك, وكذلك يجب أن لا يكون الخبر عن الأمر والإيجاب والندب مفيدًا لحصول الإيجاب والندب إلا أن يصدر عن من له الإيجاب والندب ويستحق أن يعبد بالطاعة وهو الله تعالى دون كل أحد من الخلق, وكل من يقول إنه واجب الطاعة منهم, فإنما يعني به وجوب الطاعة لله عز وجل وطاعة النبي عليه السلام والإمام والسيد والوالد إنما هي طاعة لله تعالى, ولولا أمره لنا بالتزام ذلك من أمثالنا لم يجب علينا طاعة أحد من جهة العقل, وإنما حظ كل واحد ممن ذكرنا إخباره عن إيجاب الله عز وجل ذلك علينا له, وكذلك سبيل أمره للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام, فوجب بهذه الجملة أن يكون إخبار الله عز وجل عن إيقاع هذه الأمور هو المؤثر في إيجاب الفعل وحظره وما يثبت من أحكامه الشرعية.
شبهة لهم أخرى:
واستدل بعضهم على ذلك بأن الأمر يوجب حصر المأمور على/ ص ١٤٧ ذلك الشيء وقصره عليه دون تركه, وذلك يوجب منعه من الدخول فيما يخرجه عنه, والمنع له من ذلك يوجب دخوله فيه.