ولا بد على كل حال من أن يكون المخير فيه معلوما متميزا.
فصل: والذي يدل على جواز تكليف الأفعال على وجه التخيير هو ما يدل على صحة الأمر بكل واحد منهما بعينه بغير تخيير من حيث (جاز إيقاعه) بعينه، وكذلك المخير بين المختلف والمتضاد من الأفعال يمكن إيقاع كل شيء منه بدلا من غيره. فوجب أن يكون التكليف لفعله على هذا الوجه صحيحا.
فصل: واعلموا أنا قد بينا من قبل أنه ليس من حق الآمر وشرطه أن يكون مريدا للمأمور به. فإذا ثبت ذلك وجب أن نقول إن الله تعالى إذا خير المكلف بين أفعال هي أبدال كالكفارات وما جرى مجراها أن نقول إنه إن كان المعلوم من حال المكلف إنه لا يفعل شيئا منها ويجمع بين تروكها فهو غير مريد لشيء منها بل مريد لترك جميعها، وإن علم أنه يفعل واحدا منها وجب أن يكون مريدا لإيقاع ما علم أن المكلف فاعل له. وأن علم أن المكلف يجمع بين جميعها فهو مريد للجمع بينها. هذا هو الواجب في هذا الأصل على ما بيناه في التعديل والتجوير وفصول القول في التكليف في الكلام في أصول الدين.