يقال لهم: هذا هو القول بأن الواجب منها واحد بغير عينه، لأن القائلين بذلك إنما يعنون بقولهم إن الواجب واحد بغير عينه نفس ما قلتم. فصار هذا خلافا في عبارة لا في معنى.
ومن أقوى الأدلة على ذلك إجماع الأمة على أن الله عز وجل قد خير بين أمور حرم الجمع بينها، وجعل تعلق الأمر بكل واحد منها. بأن يفعل منفردا عن غيره كتعلق الأمر بالآخر على وجه سواء. نحو أن يأمره بالعقد على وليته من كل كفؤ لها بدلا من غيره وتحريمه الجمع بين عقدين على اثنتين ممن خير بين العقد على جميعهم. وكأمر أهل الحل والعقد من الأمة بالعقد لإمام عند الحاجة إليه وعدم إمام وذي عهد من إمام وتحريمه الجمع بين العقد لاثنتين. وكذلك القول في تخيير المفتي والحاكم في الحكم والفتيا بأي الحكمين المتقاومين عنده وتحريمه الجمع بين ذلك. فلو كان التخيير يقتضي إيجاب الجمع بين المخير فيه، وهو عندهم لا يجب في حال وجوده وفعله. وإنما يجب قبل كونه لوجب أن يكون قد أوجب على المكلف جميع ما ذكرنا من الجمع بين هذه الأمور المحرم الجمع بينها، لأنه مخير فيها ولتساويها عنده تعالى في معلومة في صفة الوجوب بدعواهم وامتناع تعلقه ببعض ما له صفة الوجوب دون بعض. ولو كان ذلك كذلك لوجب لا محالة الجمع بين هذه الأمور. ولما أطبقت الأمة على إبطال ذلك، وإخراج القائل به عن الملة علم أن الوجوب إنما يتعلق بالواحد منها منفردا عن غيره. وهذا هو الذي قلناه بعينه.
فصل: فإن قالوا: ما أجمعت الأمة في هذا على ما ادعيتم، بل يجب على المكلف تزويج المرأة من جميع أكفائها. ويلزم الأمة نصب كل ما يصلح لإمامتها سقطت مكالمتهم، وظهرت مفارقتهم للدين وقيل لهم مع ذلك فيجب /ص ٢٠١، إذا فعل